جدد المغرب تأكيد ريادته والتزامه الراسخ في مجال السلامة الطرقية والحفاظ على الأرواح البشرية، وذلك خلال مشاركته في الدورة الـ18 للمنتدى الدولي للنقل، التي انعقدت بمدينة لايبزيغ الألمانية، ما بين 21 و23 ماي، تحت شعار “قدرة النقل على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية”.
ومن خلال برنامج حافل بالورشات والندوات والأنشطة الموازية، سلط وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، الذي ترأس وفدا رفيع المستوى، الضوء على تجربة المملكة في مجال السلامة الطرقية، مستعرضا سلسلة من التوصيات الرامية إلى جعل الطرق أكثر أمانا، سواء في إفريقيا أو على الصعيد العالمي.
وقد شكل هذا الحدث الدولي، المنظم تحت رعاية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والذي جمع وزراء الدول الأعضاء الـ69 في المنتدى، مناسبة لتتبع تنفيذ توصيات المؤتمر الوزاري العالمي الرابع للسلامة الطرقية، الذي عقد بمراكش في فبراير الماضي.
وكان إعلان مراكش، الذي تو ج أعمال هذا المؤتمر الدولي، محط اهتمام القادة السياسيين الأجانب وممثلي المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، الذين أشادوا بالمبادرة وأكدوا دعمهم لخارطة الطريق الشاملة التي تهدف إلى جعل الطرق أكثر أمانا وسهلة الولوج.
ومثلت الدورة الثامنة عشرة للمنتدى الدولي للنقل منبرا للمغرب من أجل إسماع صوته وتقديم مرافعة قوية لمعالجة التفاوتات العالمية في مجال السلامة الطرقية، حيث دعا، في هذا الإطار، البلدان إلى تحمل مسؤولياتها وتعزيز التزاماتها المالية، إضافة إلى إطلاق مبادرات ميدانية على مستوى القارة الإفريقية.
وفي هذا السياق، دعا قيوح إلى ضرورة تعزيز تمثيلية البلدان الإفريقية داخل الهيئات الدولية، مبرزا أن التحديات الكبيرة التي تواجهها القارة في مجال السلامة الطرقية، والحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنيات التحتية للنقل، تتطلب صوتا أقوى داخل هذه الهيئات.
كما حث الوزير أيضا الدول الأعضاء في المنتدى الدولي للنقل، الذي ترأسه المغرب خلال الفترة 2021-2022، على إدماج قضية السلامة الطرقية بشكل أكثر مركزية في سياساتها الوطنية، بروح من المساعدة المتبادلة وتعزيز التعاون مع البلدان الإفريقية.
وجدد المغرب، على لسان قيوح، استعداده للتعاون بشكل فعال مع الهيئات الدولية، لا سيما لفائدة القارة الإفريقية، وذلك إدراكا منه بأهمية التنقل المستدام، ووفاء بالتزامه بالإسهام في تحقيق أهداف الخطة العالمية للسلامة الطرقية 2030، التي ترمي إلى خفض عدد الوفيات والإصابات على الطرق بنسبة لا تقل عن 50 بالمائة.
وفي إطار مساهمته في الجهد العالمي وتجسيدا لريادته الإقليمية، أطلق المغرب أيضا، في فبراير 2025 بمراكش، جائزة محمد السادس الدولية للسلامة الطرقية، المخصصة لتشجيع المبادرات المحلية والدولية المبتكرة في مجال مكافحة آفة انعدام السلامة على الطرق.
وقد م نحت هذه الجائزة مناصفة لكل من صندوق الأمم المتحدة للسلامة الطرقية ومنظمة الصحة العالمية، خلال الدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري العالمي حول السلامة على الطرق، الذي انعقد بمراكش، وكانت موضوع اتفاقية تم توقيعها على هامش القمة الثامنة عشرة لمنتدى النقل الدولي، بين وزارة النقل واللوجستيك، وصندوق الأمم المتحدة للسلامة الطرقية، والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.
وجمع حفل التوقيع، الذي أقيم في إطار لقاء رفيع المستوى حمل عنوان “من مراكش إلى التنزيل: المضي قدما في الالتزامات العالمية للسلامة الطرقية”، عددا من وزراء النقل، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسلامة الطرقية، جان تود، والأمين العام لمنتدى النقل الدولي، يونغ تاي كيم، الذين أشادوا بالتزام المغرب والتقدم الذي أحرزته المملكة في هذا المجال.
وعلى هامش القمة، عقد قيوح عدة لقاءات ثنائية، لاسيما المباحثات التي أجراها مع وزير المواصلات والاتصالات بمملكة البحرين، الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، الذي جدد تأكيد رغبة بلاده في تعزيز علاقات التعاون مع المغرب، سواء في المجال البحري أو على مستوى الربط الجوي.
أما اللقاء مع الوزير المنتدب الفرنسي المكلف بالنقل، فيليب طبارو، فقد شكل مناسبة لبحث آفاق تعزيز الشراكة بين الرباط وباريس في قطاعات النقل البحري والجوي والسككي، حيث أكد المسؤولان التزامهما المتبادل بتقديم الدعم لبعضهما البعض ضمن هذه الهيئات الاستراتيجية.
وأكدت المشاركة المغربية في القمة الـ18 لمنتدى النقل الدولي، من خلال وفد رفيع ضم المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، بناصر بولعجول، إلى جانب عدد من المسؤولين المركزيين بالوزارة والوكالة، المكانة المتنامية للمملكة كرائد إفريقي ملتزم بالسلامة الطرقية. وبفضل مساهمته البارزة في النقاشات الدولية، تمكن المغرب من حشد دعم واسع لإعلان مراكش، الذي أصبح الآن مدرجا على جدول أعمال المؤسسات العالمية الكبرى.
ويكرس هذا الاعتراف الدولي التوجه الإفريقي للمغرب، المستلهم من الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يحظى بانخراط متزايد من قبل عدد من الشركاء، ويفتح الطريق أمام تعبئة إفريقية أكثر انسجاما ووضوحا داخل المحافل الدولية.
وبفضل تجربته، ومرافعاته، وشراكاته المعززة، يرسخ المغرب مكانته اليوم كمحرك لمبادرات ملموسة من أجل مستقبل أكثر أمانا وتضامنا وإنصافا في مجال السلامة الطرقية.